بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 ديسمبر 2009

هل سيتراجع شيوخ "السلفية الجهادية" عن مواقفهم السابقة؟






بعد رسالة الفزازي التي بعثها إلى ألمانيا ومراجعة أفكاره
هل سيتراجع شيوخ "السلفية الجهادية" عن مواقفهم السابقة؟


هل هي بداية العد العكسي لإعلان بعض شيوخ ما سمي بـ السلفية الجهادية" بعد مرور أزيد من ست سنوات على اعتقالهم، عن مراجعة أفكارهم والتوبة مما اعتبرته بعض التيارات داخل المملكة، "فكرا تكفيريا" و"مواقف متطرفة تدعو إلى العنف والتشدد"، خاصة وأن الشيخ محمد الفزازي، المدان بـ 30 سجنا نافذا على خلفية أحداث 16 ماي الأليمة، بعث مؤخرا برسالة مذيلة بتاريخ (21 يونيو 2009) إلى مسلمي ألمانيا، يدعوهم من خلالها إلى نبد العنف، معترفا حسب ما نسب إليه، باتخاذه منعطفا خاطئا في دعوته للمسلمين عندما كان إماما بمسجد القدس بألمانيا، كما خلقت هذه الرسالة، ردود أفعال متباينة في صفوف المعتقلين الإسلاميين المدانين على خلفية انتمائهم لتيار "السلفية الجهادية" بين من تأهب لمراجعة أفكاره السابقة، وآخرون لا زالوا يصرون على مواقفهم، على اعتبار أنها بريئة من الدعوات التكفيرية والخطابات الداعية إلى استعمال العنف.
بناء على هذا المستجد، جست "المشعل" نبض شيوخ ما يسمى بـ "السلفية الجهادية" وكذا بعض المعتقلين الإسلاميين داخل بعض سجون المملكة، حول إمكانية مراجعتهم لأفكارهم السابقة، وكذا مدى قابليتهم لترويج هذا الطرح فكان ما يلي:


تداعيات رسالة الفزازي التي خلقت جدلا بألمانيا


بعد فشل ما تم الترويج له مؤخرا بكونه حوارا مفتوحا بين بعض شيوخ " التيار السلفي الجهادي" وأطر في الدولة، حول إمكانية مراجعتهم لأفكارهم السابقة وطي صفحة الماضي، وكذا دخول شكيب بنموسى وزير الداخلية على الخط بإعلانه قبل بضعة شهور عن فتح باب العفو الملكي، في وجه بعض المعتقلين الإسلاميين شريطة إعلانهم "التوبة"، خرج الشيخ محمد الفيزازي المعتقل مباشرة بعد تفجيرات 16 ماي الدامية مؤخرا إلى العلن، بعد توجيهه رسالة إلى مسلمي ألمانيا، يحثهم فيها على نبد العنف واعتماد مبدأ السلم، حيث جاء في الرسالة المنسوبة إليه، اعترافه الصريح باتخاذ منعطف خاطئ في دعوته إلى المسلمين بإزالة الكفار من السلطة، عندما كان إماما لمسجد القدس، في مدينة هامبورغ الألمانية، وحسب ما كشفت عنه جريدة "دير شبيغل" الألمانية، أشاد الشيخ محمد الفزازي من خلال رسالته التي بعثها من داخل السجن، بدولة ألمانيا، واصفا إياها ببلد التسامح، كما قال وفق الجريدة الألمانية "اتخذنا منعطفا خاطئا وتجاوزنا الهدف"، مضيفا في نفس السياق أن "ألمانيا ليست ساحة معركة.. كل مهاجر لديه عقد مع الدولة الألمانية التي يجب التقيد بها.. ألمانيا لديها حرية العقيدة التي تغيب في العديد من البلدان الإسلامية"؛ وحسب بعض المحللين، حثت بعض فقرات الرسالة مسلمي ألمانيا على اعتماد أسلوب المهادنة، ودرء العنف والتشدد، كي يتصدوا لخطاب تنظيم القاعدة، الذي وعد مؤخرا بتركز هجماته على بعض الدول الأوروبية، خاصة دولة ألمانيا، في حين يشكك البعض في كون مضمون الرسالة التي بعثها الفزازي إلى ابنته المقيمة بالديار الألمانية، قد شابها نوع من التحريف، لكن تظل رسالته حسب العديد من المنابر الأجنبية التي تهافتت على نشر مضمونها، بمثابة "صك غفران" للشيخ الفزازي، حيث أجمعت تلك المنابر بما فيها آراء بعض المحللين المهتمين بشؤون الإرهاب، على أن محمد الفزازي "تراجع عن الفكر التكفيري للسلفية الجهادية".

مراجعة الأفكار والمواقف بين القبول والرفض من طرف معتقلي "السلفية الجهادية"


أعادت رسالة الفزازي إلى أذهان رموز "تيار السلفية الجهادية"، وكذا بعض المعتقلين الإسلاميين سيناريوهات "مراجعة الأفكار والمبادئ" التي ما فتئت السلطات تنادي بها كإعلان مبدئي عن ما سمي بـ "التوبة"، وقد جلجل خطاب الفزازي ليتردد صداه داخل أغلب سجون المملكة، باعتباره رمزا من الرموز المؤثرة في تنظيم، ظل الشيخ يرفض تسميته بـ "السلفية الجهادية".
وحسب ناطق باسم السجناء الإسلاميين المعتقلين على خلفية أحداث 16 ماي الأليمة بسجن عكاشة، أحدثت رسالة الفزازي شرخا في صفوف بعض المعتقلين، بين من أيد الشيخ في منحى مراجعة الأفكار المتشددة، وبين من أدار ظهره لها، على أساس أن العديد من المعتقلين ليسوا معنيين بتراجع الفزازي عن قناعاته السابقة، كونهم ظلوا في منأى عن الدعوة إلى إعمال أسلوب العنف وترويج الأفكار التكفيرية، يقول الناطق باسم المعتقلين الإسلاميين بسجن عكاشة، "فيما يخص ما ذهب إليه الشيخ الفزازي، هناك بعض الأتباع يتأهبون لسلك مساره، أي أنهم مستعدون لمراجعة أفكارهم ومبادئهم وكذا قناعاتهم، وهم يشكلون أقلية بين المعتقلين الإسلاميين في حين هناك فئة عريضة، تشكل أغلبية داخل السجن، إذ ترى بأن استغلال رسالة الفزازي والترويج من خلالها لفكرة "المراجعات"، والتركيز عليها، ما هي إلا محاولات غير بريئة من طرف بعض الجهات، قصد طمس الموضوع الرئيسي والقضية الحقيقية، المتمثلة في كون ملف المعتقلين الإسلاميين، (ملف مفبرك)، وأن العديد منهم تضرروا جراء صنع هذا الملف، بما في ذلك عائلاتهم".
ولمعرفة آراء بعض الحساسيات الأخرى المعتقلة أيضا جراء تداعيات تفجيرات 16 ماي الأليمة، بخصوص إمكانية سلك سبيل الفزازي، قال أحد المقربين إلى هذه الحساسيات، " لسنا مجبرين على إبداء رأينا في مسألة المراجعات وكذا ربطها بما أقدم عليه الشيخ، إذ من المفروض استفساره شخصيا، بحكم أنه المعني بالأمر"، لذلك حاولنا الاتصال بالشيخ محمد الفزازي، غير أن محاولتنا باءت بالفشل، وفي ذات السياق، امتنع الشيخ عبد الوهاب رفيقي الملقب بـ "أبو حفص" عن الخوض في موضوع المراجعات لاعتبارات ذاتيه، في حين أسر لنا أحد المقربين منه إلى أن فكرة المراجعات تتداول بشدة في صفوف بعض المعتقلين الإسلاميين بسجن عين قادوس بفاس، وحسب مصدرنا، إن الشيخ أبو حفص الذي تنعته بعض الجهات بكونه أحد المنظرين للفكر السلفي الجهادي بالمغرب، براء مما يتم الترويج له بكونه واحدا ممن اعتمدوا أسلوب المغالاة ونشر الفكر التكفيري بالمغرب، لذلك يقول مصدرنا، إن الشيخ أبو حفص قد جرد من ذهنه فكرة المراجعات، لكونه لا زال ثابتا على مبادئه، حيث ظل ينبذ العنف والأفكار الهدامة قبل وبعد اعتقاله.


لست معنيا بمراجعة الأفكار لأن مواقفي معروفة

حسب مصدر مقرب من الشيخ حسن الكتاني، يقول هذا الأخير فيما يخص المراجعات:
شخصيا، لست معنيا بفكرة مراجعة الأفكار، كما أن أفكاري معروفة، لم أكن في حاجة إلى حجبها قبل اعتقالي، كذلك الشأن داخل السجن، حيث لم أغيرها قط، زيادة على ذلك فأفكاري ومواقفي تضمنتها كتبي المنشورة حاليا أو التي قيد الطبع، لذلك لا أخفي أنني كنت أختلف مع بعض الناس في عدة أمور عندما كنت خارج السجن، أما إذا اتجه أحد ما إلى تغيير أفكاره فذاك شأنه، ثم إن تغيير الأفكار إن كانت (غلط) لا تعد عيبا، فالمغالطة السائدة، هي أننا نكفر الناس وندعو إلى الانفجارات العشوائية ولا نؤمن بالدستور أو الدولة المدنية أو بعض الأمور الأخرى، كالمطالبة بالاستبداد وما إلى غير ذلك، في حين إن هذا كلام فارغ لا يستند إلى وقائع صحيحة، فالقول إننا نكفر الناس هذا قول خاطئ، وكذب وبهتان، فنحن لم يسبق أن دعونا إلى التفجيرات العشوائية قط .. قبل أن يتم اعتقالنا، قلنا بأنه ليس لدينا مشكل مع الدستور أو النظام الملكي، ونحن ندعو كذلك إلى تطبيق الإسلام جملة وتفصيلا، في جميع الحياة العامة، كما لا نعارض أن يكون هناك دستور منظم مستمد من الإسلام، والمعروف ولله الحمد أن المغرب تبنى الإسلام منذ حوالي 14 قرنا، واعتمد المذهب المالكي المشهور، كونه أغنى مذهب من حيث القوانين والنظم، هذه هي أفكاري، لكن البعض ما فتئ يتهمنا بأفكار ليست لنا بها أية علاقة، كالتكفير وما إلى ذلك.
من جانب آخر هناك بعض الشباب ذوي الأفكار المنحرفة من تراجع عن أفكاره، بعد أن جالسناهم وبينا لهم حقيقة مواقفهم، فأن تجالسهم وتوضح لهم وتقنعهم وفق منطق العقل، يعطي الأمر أكله، أكثر مما يشرح لهم شخص آخر. فنحن قبل دخولنا السجن لم يكن لنا شغل آخر سوى هداية الشباب عن الانحراف والانزلاق، هذا ما قلناه للدولة، وفي بعض كتاباتي التي ستنشر مؤخرا، وضحت مسألة مهمة، وهي أنه لما حدثت هذه الفتنة وما أعقبها من اعتقالات حصدت العلماء المرشدين، تكوّن جيل جديد يتبنى أفكار منحرفة نظرا لغياب من يرشد ويعلم، ويبين لهم أموا كثيرة في الدين.

محمد ضريف أستاذ باحث في شؤون الجماعات الإسلامية
من له سلطة تقديرية للقول بأن شيوخ "السلفية الجهادية" راجعوا أفكارهم أم لا؟


- هل يمكن القول إن رسالة الفزازي التي بعثها مؤخرا إلى ألمانيا ستعيد من جديد فكرة مراجعة المواقف والأفكار السابقة لدى شيوخ ما سمي بـ "السلفية الجهادية"؟
+ حسب قراءتي الخاصة لما نسب إلى محمد الفزازي، فالأمر لا يندرج في إطار الرغبة في مراجعة الأفكار، بقدر ما يندرج في إطار تأكيد مواقف سابقة، إذ أن محمد الفزازي كما هو معلوم، كان ضد العنف وأصر على براءته من التهم المنسوبة إليه، فيما يتعلق بأحداث 16 ماي 2003، والأكثر من ذلك كان يشدد أثناء محاكمته على أنه كان يخدم مؤسسات الدولة، وعلينا هنا أن نستحضر ما كان يقال سابقا، على أن جماعة السلفيين بشكل عام، كانت أداة في يد الدولة خلال مرحلة من المراحل، من أجل مواجهة قوى دينية أخرى، لذلك لاحظنا بعد المحاكمات وكذا عندما بدأ الحديث عن إمكانية تدشين حوار بين الدولة والسلفيين، أن مجموعة من السلفيين المعتقلين يرفضون فكرة المراجعات. لأن هذه الأخيرة بالنسبة إليهم، هي مدخل لتثبيت التهم الموجهة إليهم، لأنه عندما يقر شيخ من شيوخ السلفية الجهادية في بعض السجون المغربية بأنه مستعد لمواجهة أفكاره، فهذا يثبت بالملموس بأنه كان يتبنى أفكارا تدعو إلى العنف، لذلك لاحظنا من خلال خطابات وكذا مواقف السلفيين المعتقلين، أنهم كانوا يرمون دائما بالكرة في ملعب الدولة، بحيث كانوا يطالبونها بمراجعة مواقفها منهم، كما يعتبرون بأن اعتقالهم اندرج في سياق حسابات سياسية وأمنية، وأن هناك جهات معينة كانت لها مصلحة في إلصاق التهم بهم وإقحامهم في ملف العنف والتطرف والإرهاب، كما ظل شيوخ السلفية يؤكدون رفضهم للعنف وتنديدهم به، وقد صدرت إشارات كثيرة من بعض السجون عقب بعض الأحداث التي عرفها المغرب بعد ذلك، أو حتى فيما يتعلق ببعض الاعتداءات التي استهدفت دول عربية وإسلامية، لذلك فما نسب إلى الفزازي ليس تعبيرا عن رغبة في مراجعة أفكاره، بقدر ما هي رغبة في تأكيد مواقفه الرافضة للعنف.

- هل ستدفع رسالة الفزازي الشيوخ المعتقلين إلى الاستعداد لمراجعة المواقف؟
+أعتقد بأن شيوخ السلفية بالخصوص، وأتحدث هنا عن عمر الحدوشي، حسن الكتاني، أبو حفص وعبد الكريم الشاذلي، فهؤلاء الأشخاص ليسوا في حاجة إلى انتظار صدور رسالة عن الفزازي ليغيروا مواقفهم، إذ سبق لكثير منهم أن أبدوا مواقف تدعو إلى نبذ العنف، فأبو حفص مثلا، دأب دائما على نفي صفة المتطرف المنسوبة إليه، حيث ظل يؤكد أنه لم يدع إلى العنف أبدا، وهذا لم يمنعه من توجيه رسالة أو نداء إلى بعض السلفيين، يدعوهم من خلالها إلى الابتعاد عن العنف، كما يقر بأن بعض الشباب فهموا الدعوة بشكل خاطئ ومارسوا العنف.

- البعض يتحدث عن سوء الفهم بين الدولة والسلفيين، أي أن السلطات تطالب المعتقلين الإسلاميين سيما الشيوخ بمراجعة الأفكار، في حين إن هؤلاء يقرون بأن أفكارهم واضحة ولا ضرورة لمراجعتها مادامت تنبذ العنف، هل يمكن القول إن هناك سوء فهم بين الدولة ودعاة الفكر السلفي؟
+ عندما نتناول الفكر السلفي الجهادي، فإننا نتحدث عن رفض الديمقراطية والانتخابات والمؤسسات، باعتبار أن كل رموز الحداثة السياسية تتنافى مع التصور الإسلامي، وهذا الأمر وارد، إلا إذا كنا نطالب هؤلاء الأشخاص بأن يصبحوا ديمقراطيين، وأعتقد أن هذا مطلب غير معقول، سيما وأن هؤلاء من حقهم أن يعتنقوا الأفكار التي يؤمنون بها، شريطة ألا تتحول هذه الأفكار إلى فعل يهدد حياة الآخرين، فالمشكل المطوح الآن، وهنا أتحدث عن سوء الفهم، هو ماذا يقصد بالمراجعة، فإذا كانت الدولة تقصد من خلال ذلك أن ينبذوا العنف، فإنهم كانوا دائما يرفضون العنف، وإذا كانت تطالب بالاعتراف بشرعية المؤسسات، فقد ظل الشيوخ على الدوام يشيدوا بأنهم كانوا من المدافعين عن مؤسسات الدولة، والأكثر من ذلك يشيدوا على أنهم انخرطوا في مشروع الدولة في مواجهة قوى دينية مناوئة لمشروعها، وإذا كانت تطالبهم بأن يتحولوا إلى دعاة للديمقراطية والحداثة، فهذه مسألة أخرى، في هذا الإطار، نتحدث عن سوء الفهم، أو الالتباس الموجود بين مطلب الدولة وما يؤمن به الشيوخ، والإشكال الحقيقي في هذا الباب، هو من له سلطة تقديرية للقول بأن هؤلاء راجعوا بالفعل أفكارهم أم لا؟

عبد الرحيم مهتاد : رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين
ليس كل المعتقلين الإسلاميين معنيين بمراجعة الأفكار

- بعث الشيخ محمد الفزازي مؤخرا رسالة، يدعو من خلالها مسلمي ألمانيا إلى نبد العنف، ما هي قراءتك لفحوى هذه الرسالة؟
+ بسم الله الرحمان الرحيم، لقد اطلعت على الرسالة من خلال بعض وسائل الإعلام، ولا ادري لماذا تم إعطاؤها هذه الأهمية، هل لكونها نشرت بصحف ألمانية؟ أم لأنها تتناول كلاما موجها إلى أناس خارج المغرب؟ أما الحقيقة، فان تصريحات الشيخ محمد الفزازي ومواقفه التي اعتمدت في الرسالة كأنها شيء جديد، لم تكن سوى تأكيد لما يؤمن به الرجل وبما صرح به مرارا، وآخرها أثناء استدعائه للإدلاء بشهادته في محاكمة الشيخين أبي حفص والشيخ حسن الكتاني ( شهر مارس الماضي)، ناهيك عما أورد من بيانات ورسائل يوضح فيها مواقفه الصريحة من العنف والأحداث الدامية التي شهدتها مدينة البيضاء. وإن كان من قراءة لهذا الموضوع، فان الرجل لما استعصى عليه سماع أهل الدار (المغرب)، قام بمحاولة لتصريف مواقفه عبر الآخر ( أوروبا) لتجد صدى وتجاوبا.

- هل هي فعلا تعبير صريح من الشيخ على تراجعه عن أفكاره السابقة؟
+ الرجل ينفي أية تهمة ألحقت به ظلما وزورا، وكيف يمكن القول بـ ( تراجعه عن أفكاره السابقة) وهو الذي يؤكد دائما انتماءه للدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ويضع نفسه مع أهل العلم والسداد.

- هل يمكن القول إن شيوخ السلفية الجهادية على أهبة الاستجابة لنداء شكيب بنموسى السابق الداعي إلى مراجعة شيوخ السلفية الجهادية لأفكارهم وتراجعهم عن مواقفهم السابقة كشرط للاستفادة من العفو الملكي؟
+ شيوخ السلفية الجهادية ( وهذه تسمية اجعلها بين قوسين لان منهم من يرفضها كما يرفض أن ينعت بها)، ومنذ الإضراب العام عن الطعام الذي خاضه المعتقلون الإسلاميون شهر ماي 2005 والذي على إثره قامت الإدارة العامة السابقة على تفريقهم وإبعادهم عن بعضهم البعض ووضعت كل واحد منهم بسجن، بل وفي بعض الأحيان في عزلة، فمنذ ذلك الحين بدا إشعاعهم يخبو ولم نعد نسمع لهم إلا عن بعض المواقف من حين لآخر، ولم تسعفهم ظروف الاعتقال (المفروضة عليهم) لا في اتخاذ مواقف موحدة ولا حتى في الاستمرار في التأثير في باقي المعتقلين، وفي ظل مجموعة من المعتقلين لم يكن يجمع بينهم من قبل لا تنظيم موحد ولا كانوا أجمعهم أو اغلبهم على نسق فكري واحد، فكيف يمكن تصور وقوع مراجعات أو نجاحها بالمرة؟

- بحكم اطلاعكم على أخبار "السلفيين الجهاديين" داخل السجون المغربية، هل لمستم تغييرا في مواقفهم وكذا استعدادهم لمراجعة الذات ونبذ العنف؟
+ من الصعب القول بذلك، فالمعتقلون الإسلاميون بالسجون المغربية ليسوا وحدة فكرية أو كان لهم سابق انتماء إلى تنظيم مهيكل كانوا يعملون من خلاله، حتى يكون الحكم بالجملة، فالقاسم المشترك بين هؤلاء الناس هو أداء الفرائض وشعورهم بالمظلومية، وعليه وجب تصنيف هؤلاء الناس، فمنهم من ليست له علاقة لا بالفكر ولا بالمراجعات، وسبق له أن تقدم بطلبات العفو وجهر بمظلوميته، وما على الدولة إلا أن تعيد النظر في اعتقال هؤلاء، وهناك الفئة المتورطة مباشرة في بعض الأعمال المخالفة للقانون، وهؤلاء اعترفوا بما اقترفت أيديهم أمام المحاكم ونالوا أحكاما في الغالب لا تتناسب وما اقترفت أيديهم، وهناك فئة قليلة من هؤلاء المعتقلين تمت محاكمتهم على خلفية أفكارهم، وهؤلاء هم المعنيون بالمراجعة، وللأسف نجدهم عاكفين في زنازينهم لا يكلفون أنفسهم حتى التواصل مع وسائل الإعلام أو الجمعيات الحقوقية من اجل تبيان أفكارهم والدفاع عنها أو التراجع عنها، فهم الغائبون في الواقع، الحاضرون وسط المعتقلين بتأثيرهم الفكري والاديولوجي، وهم الذين يستغلون سطوة وقسوة إدارة السجون، والأحكام الطويلة وقسوة الواقع المعاش لدى أغلب المعتقلين( سواء تعلق الأمر بهم أو بأسرهم وأطفالهم) لكي يذكوا روح التمرد والكراهية في باقي المعتقلين، مستغلين في ذلك سياسة الباب المسدود التي فرضتها الدولة المغربية من خلال تراجعها عن تمتيعهم بالعفو أو استفادتهم من إعادة المحاكمة، وهذا هو التيار الذي أخد يتبلور بالسجون وأخذنا نسمع لهم عن خرجات وبيانات (مجهولة المصدر) في بعض المواقع الإسلامية الجهادية على الانترنيت.

- يروج في أوساط بعض المعتقلين الإسلاميين أن هذا الخطاب، ما هو إلا صنيعة الأجهزة الأمنية التي تحاول من خلاله تهيئ بعض السلفيين لمراجعة مواقفهم، هل يمكن أخذ هذا الرأي بعين الاعتبار؟
+ التجربة المغربية في هذا الباب تختلف عن باقي التجارب في بعض الدول العربية الأخرى، والدولة المغربية هنا قد أوكلت إدارة السجون وإعادة الإدماج إلى طاقم متخصص، له باع طويل في الموضوع، وألحقته مباشرة بالوزارة الأولى، وهي بذلك قد وضعت هذا الملف جانبا (في الثلاجة) في غياب أي تضامن فعلي من طرف المجتمع المدني الوطني والدولي مع هؤلاء المعتقلين، وبذلك سيكون لها متسع من الوقت لكي تفرض شروطها على هؤلاء، ولن تسرح منهم إلا من أتم مدة حكمه بالكامل أو قبل بشروط التعايش (حسب المفهوم المغربي) دون قيد أو شرط، ولا هي في حاجة إلى مراجعاته، هذا ما يبدو حتى الآن من أفق لكل هذه الضجة، وربما تغيرت الأوضاع غدا أو بعد غد، من يدري؟ خصوصا وأن هذا الملف يتفاعل مع المعطيات الدولية، سلبا وإيجابا.

almichaal hebdo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق